فصل: مسألة ما يحكى من فضائل عبد الله بن عمر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة ما يحكى من فضائل عبد الله بن عمر:

فيما يحكى من فضائل عبد الله بن عمر قال وذكر عن حفص أيضا أن عبد الله بن عمر كان له غلام، قال قد سماه، وبرذون يحتطب عليه ويستقي عليه الماء، ويركبه عبد الله بن عمر في حاجة إن نابته. قال فدخل على الغلام يوما فقال يا فلان كيف أصبحت؟ قال أصبح الناس كلهم بخير إلا أنا وأنت وهذا البرذون، قال: فقال: اذهب فأنت حر فأعتقه.
قال محمد بن رشد: هذا نحو ما جاء عنه من أنه كاتب غلاما له يقال له يربى بأربعين ألف درهم، فخرج إلى الكوفة، فكان يعمل على حمر له حتى أدى خمسة عشر ألفا، فجاءه إنسان فقال له: أمجنون أنت؟ أنت ها هنا تعذب نفسك وعبد الله بن عمر يشتري الرقيق يمينا وشمالا ويعتقهم. ارجع إليه فقل قد عجزت. فجاء إليه بصحيفته فقال: يا أبا عبد الرحمن قد عجزت، فهذه صحيفتي امحها. فقال لا والله، ولكن امحها أنت إن شئت، فمحاها ففاضت عين عبد الله بن عمر ثم قال: اذهب فأنت حر. فقال:
أصلحك الله، أحسن إلى ابني، فقال: هما حران، فقال: أصلحك الله، أحسن إلى أمي ولدي، قال هما حرتان، فأعتقهم خمستهم جميعا في مقعده. وقعت هذه الحكاية عنه في المكاتب من المدونة. ويروى أنه انتهى عدد من أعتق من العبيد ألف رأس، وأنه حبس ألف فرس، واعتمر ألف عمرة، وحج ستين حجة، وأفتى الناس ستين سنة. وقد مضى في سماع ابن القاسم أنه عاش سبعا وثمانين سنة، رحمة الله عليه ورضوانه.

.مسألة خير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم:

في خير الأمة بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: وسألت مالكا عن خير هذه الأمة بعد نبيها، فقال: أبو بكر، أو في ذلك شك؟ قد أمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصلاة ومعه غيره، وأمره على الحج ومعه غيره. قال: وسألت مالكا مخليا أنا وابن وهب عن التفضيل بين علي وعثمان، فقال: ما أدركت أحدا ممن أقتدي به إلا يكف عن ذلك، يريد التفضيل بينهما. فقلت لمالك: فأبو بكر وعمر؟ قال ليس في ذينك شك، يريد ليس في تفضيلهما على جميع أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناس بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شك.
قال محمد بن رشد: الذي عليه أهل الخير والدين والفضل أن أفضل الناس بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب، بدليل اجتماع أهل الشورى على تقديم عثمان على علي في الخلافة، وهو مذهب مالك على ما روي عنه في ذلك أيضا، خلاف ما تدل عليه هذه الرواية من أن مذهبه التوقيف عن التفضيل بين عثمان وعلي، وليس ذلك بصريح، إذ لم ينص على أنه يعتقد ما حكاه عمن أدرك ممن يقتدى به من الكف عن التفضيل بينهما. فيحتمل أن يكون حكى ذلك عمن أدرك ممن يقتدي به في الرواية، وهو يعتقد تفضيل عثمان على علي بما بان له بقول من يقتدي به في العلم، أو لما بلغه عمن لم يدرك ممن هو أرفع مرتبة ممن أدرك. وقد وقعت هذه الحكاية في كتاب الديات من المدونة بخلاف هذا اللفظ، ونصه: قال ابن القاسم فقلت لمالك: فعلي وعثمان أيهما أفضل؟ فقال: ما أدركت أحدا ممن أقتدي به يفضل أحدهما على صاحبه، يعني عليا وعثمان، ويرى الكف عنهما، وفي بعض الروايات: ورأيته يرى الكف عنهما. فقوله ويرى الكف عنهما يحتمل أن يكون من قول مالك حكاية عمن أدركه ممن يقتدي به، ويحتمل أن يكون من قول ابن القاسم حكاية عن مالك. فإن كان من قول مالك حكاية عمن أدرك ممن يقتدي به فهو مثل ما في هذه الحكاية من قوله ما أدركت أحدا ممن أقتدي به إلا يكف عن التفضيل بينهما، وقد مضى الكلام على ذلك، وإن كان من قول ابن القاسم حكاية عن مالك فهو نص منه في التوقف عن التفضيل بينهما على ما حكاه عمن أدرك ممن يقتدي به، بخلاف المروي عنه من تفضيل عثمان على علي. فإن كان اختلف قوله في ذلك فقد قيل إن القول الذي رجع إليه هو تفضيل عثمان على علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وليس في التوقف عن التفضيل بينهما شيء من الطعن على واحد منهما، وإنما هو إقرار لهما بالفضل جميعا.
ثم الفضل بعد هؤلاء الأربعة لبقية العشرة: الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبي عبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وكلهم بدريون. ثم التقدم بعد هؤلاء العشرة لبقية أهل بدر؛ ثم أهل بيعة الرضوان، وهم أصحاب الشجرة الذين قال الله عز وجل فيهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] الآية، وكان فيهم أيضا ممن شهد بدرا خلق كثير، ثم جملة المهاجرين الأولين، ثم الأنصار. ومنهم من اتفق له هذه المواطن كلها، ومنهم من نال بعضها، ثم من أنفق من قبل الفتح وقاتل، لقول الله عز وجل: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10]. ولا اختلاف في أن أمة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل الأمم، قال الله عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] أي خيارا عدولا، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] يريد يوم القيامة. كما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل الأنبياء والرسل وخاتم النبيين وسيد المرسلين، ورسول رب العالمين المبعوث إلى الخلق أجمعين. وقد مضى الكلام على هذا في رسم سن من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.

.مسألة وطء المرأة في غير مخرج الولد:

في وطء المرأة في غير مخرج الولد قال وسألت مالكا عن وهاطء في وهدبر مخليا، فقوه عهوه هوبوس بل حندل، وعه كن وهكا وهبورد، قال مالك وما أدركت أحدا ممن أقتدي به يشك فيه. قال مالك حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر عنه فقال لا بأس به. قال ابن القاسم: والمدنيون يذكرون الرخصة فيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال ابن القاسم: فيما أعلم، وتلا هذه الآية: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 165] {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء: 166]. قال مالك: أو في ذلك شك؟ أو ما تقرأ قول الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]. قال: أي شيء أبين من هذا؟ وقال ابن القاسم أيضا قال الله عز وجل: {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا} [آل عمران: 37] وقوله: {أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أنى وأين واحد، كأنه تأول ذلك على أنه أين شئتم. ومثل ذلك: {أَنَّى لَكِ هَذَا} [آل عمران: 37] من أين لك هذا. قال ابن القاسم: إلا أني لا أحب أن لي ملء هذا، يعني المسجد الأعظم، وأني أفعله، قال: وما آمر به، وقد جاءني غير واحد يستشيرني في ذلك فأمرته ألا يفعل، إلا أن العلماء يتكلمون في ذلك فما أخبرك وأخبرني مطرف عن مالك في الوطء في اهدبر ونل هوغسن حهيل وهوون ينزه، وقال تكلمنا لئلا نحرم ما ليس بحرام. قال: وقال لي مالك: وليس هذا بكلام يتكلم به عند كل من جاء.
قال محمد بن رشد: سأل ابن القاسم مالكا في هذه الرواية عن الوطء في الدبر مخليا، فقال: حلال لا بأس به عنده أحل من الماء البارد، ثم مشى في الكلام إلى أن قال: وقَوْله تَعَالَى: {أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أنى وأين واحد. ثم قال في آخر المسألة: وأخبرني مطرف عن مالك في الوطء في الدبر أنه لا غسل عليه إلا أن ينزل، فكتب ذلك كله في الكتاب على ما كتبه مصحفا معمى بقلب الأحرف، جعل الألف مكان الواو، والواو مكان الألف حيث وقع من الكلام، وفعل ذلك في الهاء واللام، وفي العين والحاء، وفي الكاف والميم، وأبقى سائر الحروف على حالها. فإذا تدبرت التعمية التي وقعت في الرواية على هذا الذي ذكرته أتى لك الكلام على ما حكيت، وفعل ذلك لئلا يقرأه كل أحد فيستبيحه الناس وليس بأمر متفق عليه، قد حرمه جماعة من العلماء، منهم الليث بن سعد، فإنه كان يرى إحلال هذه المسألة حراما، ومنهم ابن وهب فإنه قال كل من أتى امرأة في غير مخرج الولد ومن حيث تكون الحيضة فهو ملعون عند الله عز وجل. وإنما قال ذلك، والله أعلم، لما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في محاشهن، ملعون من أتى النساء في غير مخارج الأولاد» إلا أنه حديث ليس من صحيح الحديث. وقد اختلف في ذلك قول مالك، فروي أنه قيل له حمل عنك أنك تبيح ذلك، فقال كذب علي من قاله، أما تسمع الله تبارك وتعالى يقول: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] هل يكون الحرث إلا في موضع الزرع، لا يكون الوطء إلا في موضع الولد. وهذا القول أصح في النظر، لأنه إذا لم يجز الوطء في الفرج في حال الحيض من أجل الأذى بنص قول الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] وجب أن لا يجوز الوطء في الدبر من أجل ما فيه من الأذى الذي هو بمنزلة دم الحيض أو أشد منه. وعلى قياس هذا القول تأتي رواية مطرف عن مالك أن الغسل لا يجب في ذلك إلا بالإنزال. والذي يأتي على قياس إباحة ذلك أن يجب الغسل فيه وإن لم ينزل إذا جاوز الختان الشرج، وعليه يأتي ما وقع في كتاب الإيلاء من المدونة من أن المولي يكون فايئا بالوطء في الدبر ويسقط عنه به الإيلاء. وللخلاف الحاصل في هذه المسألة قال مالك في هذه الرواية: وليس هذا بكلام يتكلم به عند كل من جاء. والذي خشي مالك من هذا أن يسمع قوله بتحليل ذلك فيشيع في الناس فيستبيحه العوام دون امتثال ما يلزم كل واحد منهم في ذلك من تقليد من يستفتيه. وإذا استفتى فقد يستفتي من يرى خلاف مذهبه في ذلك فيكون أخذه بمذهبه أخلص له، لأن ما اختلف العلماء في تحليله وتحريمه فالأخذ بتحريمه أحوط، لأنه من المتشابه الذي قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه: «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات فمن اتقى المشتبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» الحديث. وقد مضى في رسم التسليف في الحيوان والطعام المضمون من سماع ابن القاسم الكلام على معنى قوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] وبالله التوفيق.

.مسألة شراء الماء وحكمه:

ومن كتاب أوله إن خرجت:
قال: ولا بأس باشتراء الماء إذا منعته ولم تقو عليه، فقلت إنهم يبيعونه منا على سقي دواب مسماة بدرهم، ومن الدواب ما يشرب الكثير ومنها ما يشرب القليل ومنها ما لا يشرب شيئا، فقال لا بأس بذلك على وجه الضرورة.
قال محمد بن رشد: قوله لا بأس باشتراء الماء إذا منعته ولم تقو عليه، معناه لا بأس على البائع في بيعه، إذ له أن يمنعه ولا يمكن منه أحدا إلا بثمن، وذلك في مثل الشراء من البئر أو العين تكون في داره أو في جنانه الذي قد حظر عليه، لأن من حقه ألا يدخل أحد في داره أو في جنانه لاستقاء الماء منه إلا بإذنه، كان ذلك فيه فضل عن حاجته أو لم يكن. وأما إن كانت البئر والعين في أرضه التي لا ضرر عليه في الدخول فيها لاستقاء الماء منها فاختلف فيما يفضل من ماء ذلك عن حاجته هل له أن يبيعه أم لا على ثلاثة أقوال: أحدها أن له أن يبيعه وأن يمنعه إلا بثمن، وجد له ثمنا عند سواه أو لم يجده، وهو ظاهر قوله في هذه الرواية والمشهور في المذهب، وقيل ليس له أن يمنعه إلا أن يجد له ثمنا عند سواه، فإن لم يجد له ثمنا عند سواه لم يكن له أن يحبسه عنه وهو لا يحتاج إليه، والثالث أن ليس له أن يبيعه ولا أن يمنعه إذا لم يحتج إليه وإن وجد له ثمنا، وإلى هذا ذهب يحيى بن يحيى على ظاهر قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يمنع فضل بئر ولا يمنع رهو ماء، فقال: أربع لا أرى أن يمنعن: الماء، والنار، والحطب، والكلأ. وقد مضى هذا والقول فيه في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى من كتاب السداد والأنهار.
وفي قوله في بيع الماء على سقي دواب مسماة إن ذلك لا بأس به على وجه الضرورة وإن كان منها ما يشرب القليل ومنها ما يشرب الكثير ومنها ما لا يشرب شيئا، يريد بالضرورة المشقة التي تلحق المتبايعين في اشترائه على الكيل، فأجيز ذلك لهذه الضرورة كما أجيز شراء الصبرة من الطعام جزافا لمؤنة الكيل ومشقته، لأن الغرر في ذلك يسير، إذ لا تسلم البيوع من يسير الغرر. ولو اشترى منه سقية دابة واحدة وهما لا يدريان هل تحتاج إلى الشرب أم لا لما جاز لكثرة الغرر في ذلك. ونظير هذا إجازة شراء لبن الشياه العدد الشهر والشهرين جزافا، بخلاف شراء لبن الشاة الواحدة جزافا الشهر والشهرين، وبالله التوفيق، لا شريك له.

.مسألة طعام الفجأة:

ومن كتاب النسمة:
وسئل ابن القاسم وابن وهب عن طعام الفجأة هل بلغك فيه شيء، يغشى الرجل القوم وهم يأكلون فيدعونه هل يأتيهم؟ فقالا: حسن جميل أن يجيبهم إذا دعوه، وإن غشيهم ولم يدعوه فلا يأكل لهم شيئا.
قال محمد بن رشد: هذا مما ينبغي للرجل أن يعمل فيه بما يظهر إليه من حال الذين غشيهم يأكلون فدعوه للأكل معهم، إن ظهر منهم إليه استبشارهم بقدومه عليهم وسرورهم بأكله معهم استحب له أن يجيبهم إذا دعوه، وإن ظهر إليه منهم أنهم كرهوا غشيانه إياهم يأكلون وهم إنما دعوه استحياء منهم كره له أن يجيبهم، وإن لم يتبين له منهم أحد الوجهين كان له جائزا أن يجيبهم من غير استحباب ولا كراهة، وبالله التوفيق.

.مسألة التاريخ من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة:

ومن كتاب أوله إن أمكنتني من حلق رأسك:
وقال مالك إنما التاريخ من مقدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، إن التاريخ إنما هو من مقدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وهو تاريخ الهجرة. وكان قدومه المدينة ضحى يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وقيل يوم الإثنين الثامن من شهر ربيع الأول. وولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفيل يوم الإثنين لثمان خلت من ربيع الأول، وبعث أيضا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الإثنين لثمان أيضا خلت من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل، فكان بين مولده إلى أن بعثه الله أربعون سنة تامة، ومن مبعثه إلى أول المحرم من السنة التي هاجر فيها اثنتا عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرون يوما، ذكر ذلك الخوارزمي. وروي عن ابن عباس أنه قال: ولد نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الإثنين، وخرج من مكة يوم الإثنين، ودخل المدينة يوم الإثنين، وكانت بدر يوم الإثنين، وتوفي يوم الإثنين. وقال ابن عبد البر: الأكثر على أن وقعة بدر كانت يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من رمضان، وما رأيت من ذكر أنها كانت يوم الإثنين إلا في هذا الخبر من رواية ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس، وبالله التوفيق.

.مسألة إيمان الكافر وتوبة المسلم:

في إيمان الكافر وتوبة المسلم قال ابن القاسم: تذاكرنا مع عبد الرحمن بن خالد إيمان الكافر ورجوعه إلى الإسلام، وما ذكر الله عز وجل في كتابه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، وذكرنا ذنوب أهل الإسلام فقال: إني لأرجو أن يكون أهل الإسلام أفضل حالا في هذا من أهل الكفر، ولقد بلغني أنه يقال إن توبة المسلم كالإسلام بعد الإسلام.
قال محمد بن رشد: المعنى في قول عبد الرحمن بن خالد إني لأرجو أن يكون أهل الإسلام أفضل حالا في هذا من أهل الكفر بين، لأن الكافر يغفر له بإسلامه ما سلف من آثامه، فيكون كمن ولد حينئذ لا حسنة له ولا سيئة عليه، والمؤمن إذا تاب تغفر له ذنوبه التي سلفت وآثامه، وتبقى له حسناته. وإنما قال أرجو ذلك ولم يطلق القول بأنه أفضل منه دون أن يقيده بالشك والرجاء من أجل أن من الذنوب ما لا تكفرها التوبة، وهي ما كان منها يتعلق به حق بمخلوق، لأن الظلامات لا تصح التوبة منها إلا بردها إلى أربابها أو تحللهم منها، فلا يدري التائب إذا كانت عليه ظلامات هل تفي بها حسناته أم لا، فإن وفت بها دون زيادة ولا نقصان كانت حاله في توبته كحال الكافر في إسلامه، وإن وفت بها وزادت عليها كانت حاله أفضل من حال الكافر في إسلامه، وإن لم تف بها كانت حال الكافر في إسلامه أفضل من حاله، لأن الكافر إذا أسلم يسقط عنه بإسلامه جميع الآثام والتباعات، ويحتمل أن يكون إنما علق ذلك بالرجاء ولم يطلق القول بأن حال المسلم إذا تاب أفضل من حال الكافر إذا أسلم من أجل أنه قيل إن قبول الله عز وجل لتوبة التائب من عباده لا يقطع بها في حق كل تائب، لاحتمال أن لا يكون قول الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: 25] عاما في كل تائب، ويكون معناه فيمن سبق له من الله أنه يقبل توبته. وعلى هذا ينبغي للعبد إذا تاب أن يرغب إلى الله عز وجل في قبول توبته. والذي عليه الجمهور أن الآية على عمومها في قبول الله عز وجل توبة كل تائب، وكذا سائر الآيات الواردة في هذا محمولة على عمومها في حق كل تائب، منها قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [التحريم: 8]، وعسى من الله عز وجل واجبة، قال الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25]. والتوبة النصوح هي أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه، قاله عمر بن الخطاب. وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «الندم توبة» وأنه قال: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له». وروي عن الشعبي أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ثم تلا هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. فإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب، فإذا تاب الرجل من الذنب فإن ندم عليه ونوى ألا يعود إليه بنية صحيحة ثم لم يعد إليه كان قد تاب توبة نصوحا، فاستوجب بذلك ما وعده الله به من الغفران وإدخال الجنة. وإذا تاب من الذنب بأن ندم عليه ونوى بنية صحيحة أن لا يعود إليه غفر له ذنبه الذي تاب منه، فإن عاد إليه لم تكن توبة نصوحا، فحصل له بذلك الوعد بتكفير إثم الذنب الذي تاب منه، ولم يحصل له الوعد منه تعالى بدخول الجنة وكان في المشيئة، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه.
وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «من استغفر من ذنبه غفر الله له ما لم يعد إليه» ومعنى هذا، والله أعلم، إذا استغفر الله منه ولم يتب منه بالندم عليه والعزم على ألا يعود إليه، وبالله التوفيق.

.مسألة الاستيناس ما هو:

ومن كتاب أوله باع شاة:
وسألته عن الاستيناس ما هو؟ فقال: التسليم. قلت: فالرجل يؤذن له في مثل دار فيدخل في الدار بإذن، فإذا جاء إلى باب البيت أترى أن يستأذن؟ قال: ليس ذلك عليه إذا أُذن له مرة، وقال الاستيذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع. قلت: ما هذا؟ قال: تسلم ثلاث مرات فإن أذن لك وإلا فانصرف.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في هذه الرواية إن الاستيناس هو السلام بعيد، لأن الله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27] فلو كان الاستيناس هو التسليم لكان معنى الكلام حتى تسلموا وتسلموا، وذلك لا يصح. وقد روى ابن وهب عن مالك أن الاستيناس هو الاستئذان، وهو الصحيح الذي ذهب إليه أكثر المفسرين، أن معنى حتى تستأنسوا حتى تستأذنوا، وقالوا إنما تستأنسوا وهم من الكاتب على ما جاء عن ابن عباس من أنه قال: إنما هو حتى تستأذنوا وتسلموا على أهلها، وغلط الكاتب. واستدلوا على ذلك بقراءة أبي بن كعب وابن عباس والأعمش حتى تستأذنوا. وقال جماعة منهم أيضا إن المعنى حتى تؤنسوا أهل البيت بالتنحنح والتنخم وما أشبه ذلك حتى يعلموا أنكم تريدون الدخول عليهم. وقال أبو جعفر الطبري: الذي أراه، والله أعلم، أن الاستيناس استفعال من الأنس، وهو أن يستأذن أهل البيت في الدخول عليهم مختبرا بذلك من فيه وهل فيه أحد، وليؤذنهم أنه داخل عليهم فيأنس إلى إذنهم له في ذلك، ويأنسوا إلى استئذانه إياهم. وقد حكي عن العرب سماعا: اذهب فاستأنس هل ترى أحدا في الدار. وقال الفراء والكسائي: في الكلام تقديم وتأخير، معناه حتى تسلموا وتستأذنوا، وهو أن يقول السلام عليكم أدخل؟ وقال حتى تستأنسوا أي تستأذنوا وتعلموا من في الدار هل هو ممن يجوز أن يدخل عليه أم لا، من قول العرب اذهب فاستأنس هل ترى من أحد.
قال محمد بن رشد: وإنما قال الفراء والكسائي إن في الكلام تقديما وتأخيرا لما روي عن ابن عباس من أنه كان يقرؤها كما كان أبي ابن كعب وابن مسعود يقرآنها: حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا، وليس تقديم السلام على الاستئذان على ما جاء في هذه القراءة بالذي توجبه البداية بالتسليم قبل الاستئذان كما قالا من أنه يقول السلام عليكم أدخل؟ لأن الواو لا توجب الرتبة، وإذا لم توجب رتبة فالبداية بما بدأ الله به من السلام أو الاستئذان إنما هو استحسان، لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحج: «نبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا». وقد اختلفت الروايات في صفة استئذان أبي موسى الأشعري على عمر بن الخطاب، فروي أنه قال: السلام عليكم أأدخل، السلام عليكم أأدخل، السلام عليكم أأدخل؟ وروي أنه قال: يستأذن أبو موسى، يستأذن أبو موسى، يستأذن عبد الله بن قيس. وإذا كان قد قرئ حتى تستأذنوا وتسلموا، وحتى تسلموا وتستأذنوا، وكان الثابت بين اللوحين الذي يقطع أنه قرآن {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا} [النور: 27] وكان معنى حتى تستأنسوا حتى تستأذنوا على ما روى ابن وهب عن مالك وقال إنه قول أكثر أهل التفسير، كان الصواب أن يقدم الاستئذان، فإن أذن له في الدخول سلم على من في البيت ودخل، لأنه قبل أن يؤذن له لا يدري على من يسلم، وقد لا يكون في البيت أحد يسلم عليه، لا كما قال في الرواية من أن معنى ما جاء في الحديث من أن الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع، هو أن يسلم ثلاث مرات فإن أذن لك وإلا انصرفت. وقد روي عن ابن عباس «أن عمر قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في مشربة له فقلت السلام عليك يا رسول الله أيدخل عمر؟». وروي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام». ففي هذا الحديث البداية بالسلام قبل الاستئذان، فيحمل على أن المعنى فيه إذا وقف على باب البيت فعلم من فيه ممن يصلح له الدخول عليه. وأما إذا وقف على الباب فلم يعلم من في البيت ولا هل فيه من يصلح له الدخول عليه أم لا، ولا هل فيه أحد أم لا، فالبداية بالاستيناس، وهو الاستئذان، على ما روى ابن وهب عن مالك أظهر وأولى على ما ذكرناه، وبالله التوفيق. لا شريك له.

.مسألة بشر بن سعيد وبعض فضائله:

من سماع من كتاب أوله نقدها نقدها وسمعته يقول كان بشر بن سعيد رأس العُبَّاد، كما كان سعيد بن المسيب رأس الفقهاء. قال وكذلك كنت أسمع.
قال محمد بن رشد: قد مضى ذكر فقهاء المدينة وعبادهم في أول رسم أوصى فلا معنى لإعادة ذلك، وبالله التوفيق.

.مسألة تسري عَبِيد عبد الله بن عمر في أموالهم:

في تسري عَبِيد عبد الله بن عمر في أموالهم قال ابن القاسم: حدثني عبد الله بن عمر عن نافع قال: كان عَبِيدُ عَبدِ الله بن عمر يتسرون من أموالهم ولا يستأذنونه. قال وسألنا مالكا عن ذلك فقال مثله.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في كتاب النكاح الأول من المدونة. ومعنى ذلك أنه كان قد أذن لهم في التجارة، لأن العبد المحجور عليه لا يجوز له بيع ولا شراء إلا بإذن سيده. وفي هذا دليل على أن العبد يملك، على ما قاله مالك وذهب إليه، خلاف ما ذهب إليه من خالفه في ذلك من فقهاء الأمصار، إذ لو لم يملك وكان ماله لسيده لما حل له أن يتسرى فيه، إذ لم يبح الله الوطء إلا بنكاح أو ملك يمين فقال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] وبالله التوفيق.

.مسألة وصية القاسم بن محمد لعمر بن عبد العزيز:

في وصية القاسم بن محمد لعمر بن عبد العزيز وما قاله له فيما عرض عليه وسمعته يذكر عن مالك قال: التقى عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد في حج أو عمرة، فقال له أوصني، فقال له القاسم: عليك بالصبر في مواضع الصبر، فقال له عمر بن عبد العزيز: إن معنا فضلا من أزواد وأمتعة، أفلا نأمر لك بها؟ فقال له القاسم: إني امرؤ لا أرزأ أحدا شيئا.
قال محمد بن رشد: قد مضى هذا والقول عليه في رسم اغتسل من سماع ابن القاسم فلا وجه لإعادة القول فيه، وبالله التوفيق.

.مسألة كراهة الأخذ بالرخص:

في كراهة الأخذ بالرخص وسمعته يحدث عن بعض الحكماء أنه قال: لو كانت لي نفسان أخذت بالرخص فقدمت إحداهما، فإن كان الأمر على ذلك وإلا رجعت على نفسي الأخرى فاستعنيت، إنما هي نفس واحدة.
قال محمد بن رشد: ليس معنى هذا في الرخص التي رخص الله فيها لعباده في كتابه أو على لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التعجيل في يومين من قوله عز وجل: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203]، أو من الفطر في رمضان في السفر وما أشبه ذلك، إذ لا اختلاف في أن الأخذ بالرخص في مثل هذا جائز، بل قد قيل إن ذلك أفضل لما جاء من أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى شدائده.
وإنما معناه فيما اختلف العلماء فيه فأجازته طائفة منهم وحظرته أخرى، فهو إن أخذ بقول المحظرين لذلك الشيء فلم يستبحه سلم، وإن أخذ بقول من أجازه فاستباحه لم يأمن من مواقعة الخطأ والوقوع في المأثم. فلو كان له نفسان كما قال لم يبال من إثم الواحدة إذا سلمت له الثانية من الإثم. وأما وليس له إلا نفس واحدة فمن الحظ له الاحتياط لها، وبالله التوفيق.

.مسألة الاجتهاد في العبادة:

في الاجتهاد في العبادة وسمعته يحدث عن سليمان بن القاسم قال: يقولون لي: لو رفقت بنفسك، والله لأنا بما أنا فيه ألذ من أهل افتضاض العذارى لعذاراهم. وسمعته يحدث عن محمد بن يحيى الإسكندراني عن رجل كان يصلي في البحر ويتعلق بالحبل، وأنه غلبته عيناه فنام، فلما استيقظ قال لرجل: ما منعك أن توقظني؟
قال رحمتك، قال لو رحمتني لأيقظتني.
قال محمد بن رشد: أما قول سليمان بن القاسم ما قاله مما أخبر به عن نفسه فالمعنى فيه أنه قاله تنشيطا لغيره لا قاصدا إلى الإخبار بذلك عن نفسه، لأن ذلك مما يكره للرجل أن يخبر به عن نفسه. وأما ما كان يفعله الرجل من صلاته في البحر وتعلقه بالحبل فهو مكروه من الفعل لما يخشى على صاحبه من الانقطاع، وقد «قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المرأة التي سمعها تصلي وقيل له: إنها لا تنام الليل، فكره ذلك حتى عرفت الكراهية في وجهه، ثم قال: إن الله لا يمل حتى تملوا اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة» وقال: «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى». وكان أحب العمل إليه الذي يدوم عليه صاحبه، وبالله التوفيق.